وقال: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الرسول بحكم الله، {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} أي عن الحكم. وقيل: عن الإجابة. {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} مطيعين منقادين لحكمه، أي: إذا كان الحق لهم على غيرهم أسرعوا إلى حكمه لثقتهم بأنه كما يحكم عليهم بالحق يحكم لهم أيضًا بالحق. {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا} أي: شكوا، هذا استفهام ذم وتوبيخ، أي: هم كذلك، {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} أي: بظلم، {بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لأنفسهم بإعراضهم عن الحق. {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى كتاب الله ورسوله، {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} هذا ليس على طريق الخبر لكنه تعليم أدب الشرع على معنى أن المؤمنين كذا ينبغي أن يكونوا، ونصب القول على الخبر واسمه في قوله تعالى: {أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} أي: سمعنا الدعاء وأطعنا بالإجابة. {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: فيما ساءه وسره {وَيَخْشَ اللَّهَ} على ما عمل من الذنوب. {وَيَتَّقْهِ} فيما بعده، {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} الناجون، قرأ أبو عمرو وأبو بكر {يتقه} ساكنة الهاء، ويختلسها أبو جعفر ويعقوب وقالون، كما في نظائرها ويشبعها الباقون كسرا، وقرأ حفص {يتَّقْهِ} بسكون القاف واختلاس الهاء، وهذه اللغة إذا سقطت الياء للجزم يسكنون ما قبلها، يقولون: لم أشترْ طعامًا بسكون الراء. قوله عز وجل: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} جهد اليمين أن يحلف بالله، ولا حلف فوق الحلف بالله، {لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنّ} وذلك أن المنافقين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أينما كنت نكن معك، لئن خرجت خرجنا، وإن أقمت أقمنا، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا، فقال تعالى: {قُل} لهم {لا تُقْسِمُوا} لا تحلفوا، وقد تم الكلام، ثم قال: {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} أي: هذه طاعة بالقول وباللسان دون الاعتقاد، وهي معروفة أي: أمر عرف منكم أنكم تكذبون وتقولون ما لا تفعلون، هذا معنى قول مجاهد رضي الله عنه. وقيل: معناه طاعة معروفة بنية خالصة أفضل وأمثل من يمين باللسان لا يوافقها الفعل. وقال مقاتل بن سليمان: لتكن منكم طاعة معروفة. {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.